#7 - الحدود
- Prop
- 17 نوفمبر
- 2 دقيقة قراءة

كنت أقول لنفسي إني سأفعل الأشياء بشكل مختلف. لن أتبع إيقاع العمل أولاً الذي نشأت عليه. ثم وجدت نفسي أنظر إلى هاتفي بينما كان أطفالي يتحدثون معي. كانوا ينتظرون عودتي إلى تلك اللحظة. تلك الوقفة كانت أبلغ من أي أغنية لهاري تشابين.
ينشأ بعضنا معتقدين أن كوننا نافعين يجعلنا لا يُقدر بثمن. نساهم، ونبذل جهدًا كبيرًا، ونسهر. ينجح هذا لفترة. يثق بنا الناس. ثم في يوم من الأيام، نرفع رؤوسنا وندرك أننا أصبحنا الشخص الذي لا يتوقف أبدًا. نتجاوز حدودنا دون أن نلاحظ. تتلاشى الحدود، ونسميها فخرًا أو واجبًا أو مجرد مواكبة.
للعمل ثقله الخاص. رسالة تُضيء الهاتف، فيتجه انتباهنا إليها قبل أن نفكر فيها. نقول لأنفسنا إنها لحظة واحدة فقط، لكن الدقيقة تطول. الشخص الذي يجاورنا ينتظر، وللانتظار ثقله الخاص. كان والدي يحضر العمل إلى المنزل في حقيبته. أما أنا، فأحضرت عملي إلى المنزل في صندوق زجاجي مستطيل لا ينام. هاتف "ذكي".
يظهر هذا الجذب في أماكن أخرى أيضًا. بطبيعتنا نرغب في أن نكون الشخص الموثوق به، الشخص الثابت. نقول نعم لأننا نستطيع، وأحيانًا لأننا نخشى ما قد يقوله الرفض عنا. يختبئ الخوف في هذه العادة. خوف من أن نكون من يُسقط الكرة. خوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي محلنا. خوف من أنه إذا أبطأنا ولو للحظة، سيمضي كل شيء دوننا.
لكن الحدود ليست جدرانًا، بل هي مساحة للتنفس. لم يكن أطفالي بحاجة إلى أن أترك وظيفتي، بل كانوا بحاجة إلى أن أضع الهاتف جانبًا لفترة كافية لأُظهر لهم أنني موجود بالفعل. يبدو الأمر بسيطًا، لكنه ليس كذلك. إن الشد والجذب بين العطاء والحضور قد يُقلبنا رأسًا على عقب إذا سمحنا له بذلك. نعتقد أننا نفعل ذلك من أجلهم، لكن من نحبهم يريدون منا النسخة التي تنظر إلينا بتفاؤل، لا النسخة التي تكون دائمًا في مكان آخر.
الاقتصاد لا يُساعد. ترتفع التكاليف، وتشعر الوظائف بالتذبذب، ويترسخ فينا ضغط إثبات جدارتنا. نبدأ بالاعتقاد أن الملاذ الآمن الوحيد هو تجاوز الشك. إذا بقينا مرئيين، وبقينا مفيدين، ووافقنا بسرعة كافية، فسنحافظ على مكانتنا. لقد عشتُ هذه القصة، وكثيرون عاشوها. لكنها قصة تُدمر الحياة التي نظن أننا نضمنها.
الحقيقة أكثر هدوءًا. يمكننا الاهتمام بعملنا مع الحفاظ على الجوانب التي تحتاج إلى رعاية في أنفسنا. الحدود ليست أنانية، بل هي طريقة لإظهار أهمية وجودنا في حياتنا، لنُوجّه انتباهنا إليهم بالكامل، لا في الفراغات بين الإشعارات.
وليس الأمر مقتصرًا على العائلة فقط. يلاحظ الأصدقاء غيابنا التام. يلاحظ زملاؤنا إرهاقنا. أجسامنا أول من يلاحظ. للتوتر وقعه علينا. أحيانًا، قد تُغير لحظة صمت بسيطة (كإغلاق الكمبيوتر المحمول، أو ترك مكالمة ترن، أو إنهاء الجملة قبل سماع صوت الرنين) أجواء الغرفة بأكملها.
لسنا بحاجة لإعادة بناء حياتنا لنجعلها قابلة للعيش. ابدأ بخطوات صغيرة. احمِ ساعة. احمِ عشاء العائلة. احمِ اللحظة التي يتحدث فيها إلينا شخص ما ويثق بأننا موجودون لسماعه. يتراكم الحضور بخطوات صغيرة. حدودًا تلو الأخرى. يومًا بعد يوم. وسيشعر من يهتمون بنا بالفرق قبلنا بوقت طويل.
وعندما يضيء الهاتف مجددًا، وهو ما يحدث دائمًا، نختار دائمًا أين ينصب اهتمامنا. هذا الخيار، أكثر من أي عبء عمل أو منصب أو سمعة، هو ما يُرسّخ الحياة.
إذا أثار هذا الأمر فضولك، فأنت لست وحدك. في أستراليا، يمكنك التواصل مع خدمة "لايف لاين" على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع على الرقم 13 11 14.
.png)



تعليقات